::: Devnia.com :::

الرئيسيةالتسجيلاتصل بنا


أهلا وسهلا بك إلى ::: Devnia.com :::.
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
مسلسلات رمضان 2013

مسلسلات رمضان 1434, مسلسلات خليجية, مسلسلات مصرية, مسلسلات سورية
 
الرئيسيةالرئيسية    رمضانيات Empty  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
المواضيع المميزة فى "منتديات اية النسائي "

مسلسلات رمضان 2013 :: منتدى رمضان الاسلامي :: القسم الاسلامي العام (الخيمة الرمضانية)

 
شاطر
بيانات كاتب الموضوع
رمضانيات
كاتب الموضوعرسالة
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
المدير العام
الرتبه:
المدير العام
الصورة الرمزية
 
elslayma

البيانات
انثى
عدد المساهمات عدد المساهمات : 247
نشاط العضو : 1797
تاريخ التسجيل : 12/06/2012
الموقع : دنيا الكسل
العمل/الترفيه : مجال المسلسلات الجديدة
المزاج المزاج : رايــــق
 
 

 

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
https://ramadan-series-2012.yoo7.com

 

موضوع: رمضانيات   رمضانيات Icon_minitimeالسبت يونيو 30, 2012 5:14 pm






عرف من جاره أحمد أن سعيداً دعا الأصدقاء جميعاً إلى الإفطار عنده . أخبره أحمد بذلك لأن خالداً من الأصدقاء بل من قدمائهم الخُلّص !. ولن يظن أحمد أن خالداً لم يكن من المدعويين في رمضان هذا ، إلا أن الدعوة لم تصل خالداً .
لم يكن حزن خالد كبيراً لأن سعيداً لم يدعُه ، فقد عرف ابتداءً أنه لن يكون من المدعويين في رمضان هذا ، لقد كان تلك السنة ضيق ذات اليد ، فلم يدعُ الآخرين كما كان يفعلون . وتمنى لو رزقه الله تعالى أثناء السنة ليعوّض ما فاته ، ولكنّ العين بصيرة واليد قصيرة . إنما كان حزنه أنه لم يعرف أصدقاءه حق المعرفة ، فصارت اللقاءات بينهم واحدة بواحدة ، وكانوا يتبارون ، بل قـُلْ : كانت النساء يتبارين أيتهنّ تقدم في دورها أطايب الطعام وأشهاها ، وأكثرها تنوّعاً ، وكمية وأغلاها ثمناً .
لقد صارت دعوات الإفطار – كما تقول زوجة خالد - حلبات المنافسة في عرض الثياب وأفانين المأكولات . فبعد الإفطار تُقدم المشروبات المتعددة من عرق السوس إلى شراب الورد والبرتقال ، إلى نقيع الكركديه وشراب العسل ، ويذهب الرجال بعد ذلك إلى صلاة التراويح ، في الجامع القريب ، يؤدون ثماني ركعات سريعات بعد صلاة العشاء ، لقد كان الإمام نشيطاً ! يسرع في صلاته فيدمج الركوع بالقيام ، ويسجد فلا تلامس جبهته الأرض حتى يرتفع عنها ، ويعود بحركة رياضية إلى الأرض ليلمسها بأنفه وقليل من جبهته ، فيرتد جالساً . وتنتهي الصلاة في ماراثون سباق يرضاه الكثيرون من المصلين . فالمراد عندهم أن يًعُدّوا ثماني ركعات يحسبون أنهم أدَّوا فيها الصلاة كما علّمـَناها رسول الله صلى الله عليه وسلم !.
وتبدأ السهرة ببعض الحلويات الشرقية : كنافة مبرومة ، وبين نارين ، وبقلاوة ، وقليل من الفواكه لا تتعدى سبعة الأنواع ، فالإسراف مذموم !!
وعرف بعد ذلك أن سميراً لم يكن من المدعوّين رمضانَ هذا ، فقد كانت زوجته مريضة لا تستطيع – حين يأتي دورهما– أن تخدم هذا الجمع الوفير ، فاتفق وزوجته أن يحملا معهما في كل دعوة يحضرانها كيلين من الحلويات الغالية ، وكأنهما يقولان : اعذرونا ياجماعة ؛ فوضع الزوجة الصحي لا يسمح لها أن نفعل ما تفعلون وإن كنا ميسورَين . ..
هكذا كانا يفعلان رمضان الفائت ، ثم تبين الآن أن هذا العذر لم يكن مقبولاً ، فلم يكن سمير وزوجته من المدعوّين .

رمضانيات (2)
( الشفاعة )
شفع له في أمر : أعانه عليه ، وساعده في الحصول عليها ، وذلـّلها له .
وقد أثنى الله تعالى على الشفيع الخيّر حين قال " من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها " .
أما في الآخرة فلا يشفع أحد لأحد إلا بإذن الله تعالى " من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه " .
والشفاعة : إذاً طلب الخير للغير والوساطة لهم عند من يرجونهم . وهذا ماعلـّمناه النبيُّ الكريم إبراهيم حين قال لأبيه : " سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفياً "
إن المدعو حين يرى من الداعية اهتماماً واعتناءً يلين قلبه ثم يتقبل منه ما يقول ، ثم يؤمن بما يقول ، ثم يعتنق ذلك ويكون منافحاً عن هذه الدعوة " ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك " ..
كان الصحابة متحلقين حول رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أقبل رجل من بعيد إلى مجلسه صلى الله عليه وسلم ، فالتفت إليهم صلى الله عليه وسلم ، وقال : " هذا الرجل قادم يريد مني مسألة ، وإني معطيه إياها إن شاء الله ، ولكن إذا سألنيها فاشفعوا له ، والله يُؤجركم على شفاعتكم ، وليقض الله على لسان نبيه ما يشاء " .
جاء الرجل وجلس ولم ينبس ببنت شفة . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألك حاجة يا رجل؟." قال : نعم يا رسول الله ، صلى الله عليك وسلم . وذكر حاجته . فكان أصحاب رسول الله يقولون :
- هو أهلٌ لفضلك يا رسول الله .
- ما علمنا عنه إلا خيراً يا رسول الله .
أحسن إليه يا رسول الله . فما عهدناك إلا محسناً .
كان الرجل ينظر إليهم مسروراً من شفاعتهم ، وقد أحبهم وشعر أنه منهم وأنهم منه . ... يا لـَهذا المجتمع المتحاب المتكافل ...
وابتسم رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقد اكتسب إلى المسلمين واحداً آخر ، وعلم أصحابه أن يناصر بعضهم بعضاً .... وقضى للرجل حاجته .
جميل جداً أن يهتم المسلم بأمر أخيه فيعينه على قضاء حوائجه ، ويسعى بخدمته ، فإذا بالحب والود والشعور بالأخوة يتعمق ، ويصير المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص يشد بعضُه بعضاً .
وحب الصالحين يجعلنا معهم يوم الحشر . ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم " يُحشر المرء مع من أحب " فحبهم شفع لنا أن نكون معهم ، ورحم الله الشافعي إذ يقول :
أحب الصالحين ولست منهم --- لعلي أن أنـال بهم شـفـاعة
وأكره مَن تجارتـُه المعاصي --- ولو كنا سواءً في البضاعة
وفي رمضان الخير يعوّد المرء نفسه أن يكون سفير إخوانه إلى المحبة والود وحُسن الأخلاق ، وسفير الود وحسن الأخلاق إلى إخوانه سواء بسواء . فيسعى في خدمة إخوانه وقضاء حوائجهم ، فيسعدوا به ويسعد بهم ، وتتمكن اصداقة والأخوّة في قلوبهم وأفعالهم . ويبدأون السير إلى الله في الطريق الصحيح ...... أليس هذا صحيحاً يا أحبائي ؟؟

رمضانيات (3)
الله أكبر
أديت صلاة العشاء أمس في المسجد القريب من بيتنا ، وسلمت على بعض الأحباب وهنـّأ بعضنا بعضاً برمضان ، وهممت بالخروج من المسجد .
سلّم أحد المصلين عليّ وقال لي بعد ن أخذ بيدي إلى إحدى الزوايا وكأنه يريد أن يخلوَ بي :
ألم تلاحظ يا أخي أن الأذان يبدأ بالنداء " الله أكبر " وينتهي به كذلك؟
قلت : بلى .
قال وكذلك يفعل من يقيم الصلاة ، فيرفع صوته بـ " الله أكبر " .
قلت : نعم يأخي .
قال : وتبدأ تكبيرة الإحرام بقوله : " الله أكبر " وقبل الركوع والسجود وبعدهما نردد هذه العبارة حتى صارت جزءاً منا نعيش بها ، ونتنسمها ، ونأنس إليها ، ونرددها إرادياً وغير منتبهين . إنها في دمنا وأرواحنا .. فلماذا اعتدنا قول: " الله أكبر " في كل لحظة من لحظات حياتنا ؟
يرددها الإمام في صوات العيد وفي خطبها ، ويترنم بها المسلمون في تكبيرات العيد .. ويندفعون بها في ميادين الجهاد ، ويستعينون بها في كل أمر يسير أو عسير .
نقولها إذا تعجبنا مما نرى أو نسمع ، ونقولها إذا ألمّت بنا النوازل ، وإذا فرحنا ، إذا ابتسمنا وسعدنا أو تألمنا وبكينا .. نشعر أنها الوقود الذي يحركنا وبه نحيا ، ونحس أنها العون يهبنا القوة والنشاط والإرادة والتصميم .......
كنت أسمع ما يقول ، وأسبح في الذكريات إلى أن وصلت- في ذكرياتي - إلى صلاة عيد الفطر السعيد حين كنت في مدينة " بولونيا " الإيطالية منذ أربع سنوات .. كان الناس مجتمعين في خيمة تتسع لأكثر من عشرة آلاف يهللون ويكبرون . وخارجها مثل عددهم أو يزيد .
دخلت عليهم ، فقادني أحد المنظمين لهذا الجمع الحاشد إلى مقدمة الخيمة ، والمسلمون من جنسيات مختلفة تتعدى العشرين جنسية أو أكثر يقولون " الله أكبر الله اكبر ، لا إله إلا الله وحده ،صدق وعده ، ونصر عبده ، وأعز جنده ، وهزم الأحزاب وحده ، لا شيء قبله ولا شيء بعده ... " ثم يهدرون بصوت واحد " الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ، ولا نعبد إلا إياه ، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون " قلت نعم ، ولو كره الكافرون . وانطلقت معهم أترنم بهذا الحداء الخالد والهتاف الأبدي العظيم .
وقبل الصلاة تقدم أحدهم يعلن إسلامه ، فقا ل مردداً ورائي بلغة عربية ثم إيطالية :
أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، وأن عيسى عبد الله ورسوله . أحيا على هذا وأموت في سبيله . اللهم أحيني مسلماً وأمتني مسلماً ، واجعلني في عبادك الصالحين .
ضجت القاعة بالتكبير والتهليل ، وهنأ المسلمون أخاهم الجديد بالهداية ، ودعوا له بالثبات على هذا الدين العظيم .
وبعد الصلاة والخطبة تقدمت صحفية إيطالية تسألني : لقد استرعى انتباهي كثرة ترداد " الله أكبر " فيما قلتَ وما كانوا يقولون ، فما المقصود منها ، بل ما معناها ؟ أرجو أن تفصل في ذلك.
ولما كنت أجهل اللغة الإيطالية تقدم بعض المصلين يريدون أن يترجموا بيننا الحديث ، ونظرت حولي لأرى أخاً إيطالياً أسلم منذ ست سنوات ، وعاش في مصر وتزوج مسلمة مصرية ، وهو الآن – أقصد في عام 2004 للميلاد الموافق 1425 للهجرة – لولب في خدمة المسجد في بولونيا وخدمة إخوانه ، فاخترته ليكون المترجم لما أقول . اخترته لأن الإسلام في قلبه حار وقوي ، وله نبض جديد متدفق بين الضلوع والحنايا .
قلت لها :
الله أكبر من الدنيا وشهواتها ، وملذاتها وأهوائها .
الله أكبر في قلوبنا من زخارفها وبهارجها ومغرياتها.
الله أكبر في نفوس عباده من لعاعات الدنيا ، ومكر الشيطان وأهواء النفوس .
الله أكبر من الظلم والظالمين وأكبر من المتجبرين والطغاة الذين يكيدون للدين وأهله .
الله أكبر ، إن له الدنيا والآخرة ، وهو يمهل ولا يُهمل ، وهو ناصر دينه ومؤيد عباده .
الله أكبر لأنه حليم غفور رحيم ودود لطيف .
الله أكبر لأنه الرحمن القوي العظيم الجبار المهيمن القادر العزيز
الله أكبر يفعل ما يشاء ، لكنه عادل لا يظلم أحداً مثقال ذرة ، بيده الأمر وهو على كل شيء قدير .
كان أخي المسلم المترجم يجهش بالبكاء ، وهو ينقل هذه المعاني ، ويتمثلها بقلبه وعقله وروحه الشفافة ونفسه المؤمنة الطيبة ، حتى ذرفت عيناي وتغير صوتي .
أرأيت لِمَ اخترت مسلماً إيطالياً ينقل هذه المعاني وتلك المشاعر ؟ إنه المسلم الجديد الذي دخل الإسلام قلبه حديثاً ، فهو به منفعل ، وله محب وهو أقدر على نقل هذه الأفكار والأحاسيس إلى بني قومه .

رمضانيات (4)
أستاذي لا يحمل شهادة عليا
دخلت بيته وأنا غلام ، سألتهم أين صاحب البيت ؟ قالوا في غرفة أمه .. كان الصبيان وأمهم يأكلون الخبز اليابس مفتتاً في شوربة العدس مع البصل اليابس . .. كان الوقت ظهراً وأنا جائع ، فجلست معهم آكل . وكل طعام لذيذ حين يكون المرء جائعاً . شبعت ،ثم شربت كأسين ماءً بارداً من ( الخابية ) ، فارتويت – والخابية : إناء فخاري كبير ذو مسامات دقيقة يرشح منها الماء فيبرد ما فيها، وحمدت الله تعالى على نعمه التي لا تُعدّ ولا تُحصى .
طرقت الباب ودخلت عليهما ، فسلمت فردّا السلام . كان وحده معها يطعمها بيده اللحم المشوي ، ويحدثها ، ويمازحها ، فتردّ عليه بما يثلج صدره فيضحك ، ثم يعود إلى إلقاء بعض الكلمات فتسبه سباً لطيفاً فيعود إلى تقبيلها من يديها ثم من خديها ورأسها . وتقول لي أسمعت ما يقول عمك يا عثمان ، فأرد : لا دخل لي بين البصلة وقشرتها ، فتسبني قائلة أنت مثله قليل الأدب ، فأضحك وأقول : قصدت التفاحة وقشرتها يا جدتي . فتبتسم وتقول داعية لنا جميعاً : اللهم ارض عنهم وعن أبنائهم ، فأنا راضية عنهم .
لم يكن عمي وقتذاك ميسوراً ، وطلبت منه جدتي اللحم المشويّ . إنه يطلب رضاها ويودّ أن يكون بها باراً ، فالجنة تحت أقدام الأمهات ، وكان يردد القول المأثور : " برّوا آباءكم تبرَّكم أبناؤكم " . فكر قليلاً ثم قال لزوجته – وهي امرأة لبيبة عاقلة – يا ابنة عمي ؛ لن أستطيع شراء ثلاث كيلات من اللحم لتاكل الأسرة كلها معاً ، ولن أشوي نصف كيل من اللحم وأضعه أمام أمي ، والأولاد ينظرون ، إنهم لا يقدّرون الظروف فهم صغار لا يعقلون . وسيتألمون إن رأوا جدتهم تأكل اللحم وحدها ، وهم يأكلون شوربة العدس المطحون . وقد يمدون أيديهم إلى اللحم ويسبقون جدتهم في أكله . أشغليهم بالأكل وسأدخل إلى أمي فأطعمها ثم أعود إليكم .
حفر عمله هذا في قلبي حباً للوالدين ، فكان لي أستاذاً ومعلماً ، ولن أنسى هذا الدرس ما حييت ، ولأحدثَنّ به كي يتأساه كل ذي قلب حي وعقل عقول .
مرت الأيام ، وشب الصبيان فصاروا آباء . وكانوا بارين بواليديهم ، يتأدبون بحضرة والدهم ويتلطفون مع أمهم .
علّموا أولادهم أن الجد والجدة مقدّسان ، وأن نيل البركة كل يوم بتقبيل يديهما وطلب الدعاء منهما والتأدب بحضرتهما . وإدخال السرور إلى قلبيهما .
عمي الحبيب له بقالة يعمل فيها ويساعده أبناؤه .. كبرت هذه البقالة ، وفتح الله باب الرزق الطيب الوافر عليهم ،
يجلس الآن بينهم فيسارعون إلى مرضاته ، ويقولون له : إذا دخلت المحل كثر الزبائن يا أبانا ، فما السبب؟!
فيقول : أدبكم يا أولادي معي ومع والدتكم ، وحسن أخلاقكم ،وطلب الرزق الحلال ، وابتسامتكم في وجوه الناس يجلب رضاء الله . ويزيد في الرزق .
يلتفت إليّ قائلاً : أنا رجل عامّي يا ولدي ، لا أعرف العربية مثلك ، ولا أتقن القراءة ، فأسمعني شيئاً من القرآن وحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فهما الماء للعطشان والزاد للغرثان .
وعلمت أنه – أطال الله في عمره وحسّن عمله – يجلس بين أترابه ، فيحدثهم بما سمعه وما فقهه من علم وأدب وتفسير وسيرة ، فهو يتعلم ويعلم . ونعم المعلم المتعلّم .

رمضانيات (5)
فضل الله على خلقه
لو أنك اقترضت من رجل تسعين ديناراً ، ثم جاء ابنه فاستقرض منك ستين ديناراً ، ومرت أيام وشهور ثم طالبك الرجل بدينه فلن تجد حرجاً أن تعطيه ثلاثين ديناراً فقط ، وتحيله على ابنه ليستوفي منه .
ولنفرض أن رجلاً استأجر غرفة في فندق بتسعين ديناراً ، ثم جاء ابنه فاستأجر غرفة بستين ديناراً ، فلما التقيا رغبا أن يكونا متقاربين دون أن يدفعا شيئاً ، فسوف تعطي كل واحد منهما غرفة أجرتها خمسة وسبعون ديناراً ، فليس مالك الفندق مضطراً أن يخسر ثلاثين ديناراً إنما تنزل درجة الأب خمسة عشر ليرتفع الولد خمسة عشر ، فيلتقيان في غرفتين متقابلتين . وليس المالك للفندق ملوماً بما يفعل .
أما رب العزة الكريم – سبحانه- فقد أخبرنا بأفضل من ذلك في سورة الطور حين قال تعالى " وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتهمْ بِإِيمَانٍ ألحقنا بهم ذريتهم ، وما ألتناهم من عملهم من شيء " .
فمن عظيم فَضْله وَكَرَمه وامتنانه وَلُطفه بِخَلقِهِ وَإِحسَانه أَنَّ الْمُؤمِنِينَ إِذَا اتبعتْهم ذرّيّاتهم فِي الإيمان يُلْحِقُهُمْ بِآبَائِهِمْ فِي الْمَنْزِلَة وَإِنْ لَم يَبلُغُوا عَمَلَهُمْ لتقرّ أَعيُن الآباء بالأبناء عِندهمْ فِي منازلهم فَيَجمَع بَيْنهم عَلَى أَحسَن الْوُجُوه فيَرفَع النَّاقِصَ العمل بِكَامِلِ العمل ولا يَنْقُص ذَلِكَ مِنْ عَمَله وَمَنزِلَته ، ويساوي بينهما قَالَ" أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلهمْ مِنْ شَيْء " .
وَقَالَ الْحَافِظ الطَّبَرَانِيّ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إِذَا دَخَلَ الرَّجُل الْجَنَّة سَأَلَ عَنْ أَبَوَيهِ وزوجَتِهِ وَوَلَدِهِ فَيُقَال إِنَّهُمْ لَمْ يَبلُغُوا دَرَجَتَك فَيقول يَا رَبّ قَدْ عَمِلتُ لِي وَلَهُم فَيُؤمَر بِإِلحاقِهِم بِهِ "
هَذَا فَضله تَعَالَى عَلَى الأبناء بِبَرَكَةِ عَمَل الآباء وَأَمَّا فَضْله عَلَى الآباء بِبَرَكَةِ دُعَاء الأبناء فَقَد أورد الإمام أَحمَد رحمه الله عَن أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ اللَّه لَيَرْفَع الدَّرَجَة لِلْعَبدِ الصَّالح فِي الجَنَّة فَيَقول يَا ربّ أَنَّى لِي هَذِهِ ؟ فَيَقُول بِاستِغفَارِ ولَدك لَك " إِسْنَادُهُ صَحِيح ولَهُ شَاهِد فِي صَحِيح مُسْلِم عَن أَبِي هُرَيْرَة عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِذَا مَاتَ اِبْن آدَم اِنْقَطَعَ عَمَله إلا مِنْ ثلاث : صَدَقَة جَارِيَة أَو علم يُنْتَفَع بِهِ أَو وَلَد صَالِح يدعو لَه " .
أَخبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ مَعَ غِنَاهُ عَنْ الخلائق جَمِيعهم وَمَعَ بِرّه وَإِحْسَانه بِهِم يُجَازِي الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات أَحْسَن الْجَزَاء فيُكَفِّر عَنْهُمْ أَسوَأ الَذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيهِمْ أَجْرهمْ بِأَحْسَنِ الَذِي كَانوا يعملون ، فَيَقبَل القلِيل مِنْ الحَسَنَات وَيُثيب عَلَيهَا الوَاحِدَة بِعَشرِ أَمثَالهَا إِلَى سَبعِمِائَةِ ضِعف وَيَجْزِي عَلَى السَّيِّئَة بِمثلها أَوْ يَعفو وَيَصفَح كَمَا قال: " إِنَّ اللَّه لا يَظْلِم مِثْقَال ذَرَّة وَإِنْ تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْه أَجْرًا عَظِيمًا " وَقَالَ في سورة العنكبوت : " وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُم سَيِّئَاتهمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُم أَحْسَن الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ " .
فيمحو السيئات فلا تبقى ، ولا يجزيهم على عملهم الحسن بالنسبة التي فعلوها ، إنما يجعل العمل الحسن كله بأعلى نسبة ، وهذا من كريم عظيم .
وتعال معي نستجلي الأمر بشكل واضح في الآيات من سورة الزمر . يقول الله تعالى
وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33)
لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ۚ ذَٰلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (34)
لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (35)
يخبرنا الله تعالى أنه يكفر عن المسلمين أسوأ ما عملوا ، فإذا عفا عنا اسوأ ما عملناه ، وهي الكبائر والذنوب العظيمة المخيفة فمن باب أولى أنه سبحانه غفر لنا الذنوب الأصغر . فتلاشت كل السيئات بحمد الله ومنـّه .
واقرأ معي بقية الآية " ويجزيهم أحرهم بأحسن الذي كانوا يعملون " فالمسلم يعمل أعمالاً عظيمة أجرها كبير ، ويعمل أعمالاً بسيطة أجرها قليل . فيجعل الله تعالى أجر القليل كأجر الكثير ، فتكثر الحسنات وتنتفي السيئات ، فتكون أيها المسلم من أهل الجنة ، وتدخلها معززاً مكرماً .
من يفعل ذلك سوى الكريم سبحانه المتفضل لا إله إلا هو ؟
بقي أن تهمس في أذني وأهمس في أذنك أن نتعاهد على فعل الخيرات وعمل المبرّات ، وأن نعصي شياطين الإنس والجن ، وأن نتوجه إلى الله بقلوب سليمة ...
فادع لي بظهر الغيب يا أخي ، إنني والله لبحاجة إلى دعائك .. اللهم اغفر لي ولإخواني وتجاوز عن سيئاتنا ، واجعلنا من عتقائك في هذا الشهر الفضيل .. اللهم آمين .
أخوك المحب عثمان

رمضانيات (6)
تخترق الحُجُب

- اعتمر علي رضي الله عنه يوماً فرأى رجلاً متعلـّقاً بأستار الكعبة وهو يقول :
يا من لا يَشغَلـُه سمْعٌ عن سمع ، ولا تُغلطُه المسائل ، ولا يُبرمه إلحاح المُلِحّين ؛
أذِقني بردَعفوك ، وحلاوة مغفرتك .
فقال علي : والذي نفسي بيده ، لو قلتَها وعليك ملءُ السموات والأرَضين ذنوباً لَغُفِر لك .
***
- دعا أعرابيّ عند الملتزَم فقال : اللهمّ إن لك عليّ حقوقاً ، فتصدّقْ بها عليّ ، وللناس قِبَلي تَبِعات ، فتحمّلْها عنّي ، وقد أوْجَبْتَ لكل ضيف قِرى ، وأنا ضيفك . فاجعل قرايَ الجنّة .
***
- وقال آخر: اللهمّ إليك خرجْتُ ، وما عندك طلبْتُ ، فلا تَحرمني خيرَ ما عندك لشرِّ ما عندي . اللهمّ وإن كنتَ لم ترحمْ نَصَبي وتعبي فلا تَحرمني أجرَ المصاب على مصيبته.
***
- وقال آخر : اللهمّ ؛ إنه مَن تهيّأ أو تعبّأ وأعدّ واستعدّ لوفادة مخلوق رجاء رِفده وطَلَبَ نَيلِه ، فإن تهيـُّئي وتعبـّئي وإعدادي واستعدادي لك رجاء رِفدك وطَلَبَ نَيلك الذي لا شبيه له ولا مثيل . .. اللهمّ إنّي لم آتِك بعملٍ صالح قدّمْتـُه ، ولا شفاعةِ مخلوق رجَوتـُه ، أتيتُك مُقِرّاً بالظلم والإساءة على نفسي ، أتيتُك بأني لا حُجّة لي . أرجو عظيمَ عفوك الذي عُدْتَ به على الخطـّائين ، ثمّ لم يمنَعكَ عُكوفُهم على عظيم الجُرم أنْ جُدْتَ لهم بالمغفرة . فيامن رحمتُه واسعةُ ، وفضلُه عظيم ، اغفرِ الذنبَ العظيم .
***
- وقال آخر : اللهمّ لا تُدخلنا النار بعد أن أسكنْتَ قلوبنا توحيدَك ، إنّي لأرجو أن لا تفعل ، ولئنْ فعلتَ لتجمعَنّ بيننا وبين قوم عادَيناهم فيك .
***
- وقال آخر :
وإني لأدعـو الـلـهَ والأمـرُ ضيّقٌ *** عـَلـَيّ فـمـا يـنـْفـَكّ أن يـتـَفـرّجا
ورُبّ فـَتىً سُـدّتْ عليـه وجـوهُـهُ *** أصابَ له في دعوة الله مخرَجا
***
- قال إبراهيم بن أدهم لأصحابه حين عرض لهم سَبُعٌ : قولوا :
اللهم احرُسنا بعينك التي لا تنام ، واجعلنا في كَنَفِك الذي لا يُرام ، وارحمنا بقدرتك علينا ، لا نَهلك وأنت رجاؤنا .
قال خلف : فما زلت أكرّرُها مذ سمعتها ، فما عرض لي قَـَطّ لص ولا غيرُه.
- قال أعرابيّ : مَنْ أقام بارضنا فليُكثِر من الاستغفار ، فإنّ مع الاستغفار القـُطار ( السحاب العظيم القطر ) .
- وكان أعرابي يدعو : اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا فنعجِز ، ولا إلى الناس فنضيع ، اللهم اجعل خير عملي ما قاربَ أجلي .
- ومسك الختام دعوة سيّد ولد عدنان صلى الله عليه وسلم :
" اللهم اجعلني لك شَكـّاراً ، لك ذكّاراً ، لك رهّاباً ، لك مطيعاً ، إليك مُخبتاً ، لك أوّاهاً منيباً ، ربّ تقبّل توبتي ، وغسل حَوبتي ، وأجب دعوتي ، وثبّتْ حُجّتي ، واهدِ قلبي ، وسدّدْ لساني .

رمضانيات (7)
بين جبريل ويوسف عليهما السلام

- يروى في الإسرائيليات أن يوسف عليه السلام لمّا لبث في السجن سبع سنين أرسل الله تعالى جبريل عليه السلام بالبشارة بخروجه فقال له :
أتعرفني أيها الصدّيق؟
قال له يوسف : أرى صورة طاهرة وروحاً طيبة لا يشبه أرواح الخاطئين .
قال جبريل : أنا الروح الأمين , رسول رب العالمين .
قال يوسف : فما أدخلك مداخل المذنبين وأنت سيد المرسلين وراس المقرّبين؟.
قال جبريل: أوَ لمْ تعلم – أيها الصدّيق – أن الله يُطهّر البيوت بطُهر النبيين،وأن البقعة التي يحلون بها هي أطهر الأرَضين ؟ وقد طهّر بك السجن وما حوله يا ابن الطاهرين.
قال يوسف : كيف تشبهني بالصالحين وتسميني بأسماء الصدّيقين ، وتـَعُدُّني مع آبائي المخلصين ، وأنا أسيرٌ بين هؤلاء المجرمين ؟!
قال جبريل : لمْ يكلِم ( يجرح)قلبَك الجزعُ ، ولمْ يغيّر خُلـُقـَك البلاءُ ، ولمْ يتعاظمْك السجنُ ، ولمْ تطأ فراش سيّدك ، ولمْ يُنسِك بلاءُ الدنيا بلاءَ الآخرة ، ولمْ تُنسك نفسُك أباكَ ، ولمْ يُنسِك أبوك ربّكَ .
وهذا الزمانُ الذي يفُكّ اللهُ به عُنُوّك( أسرك ) ، ويعتق به رقّك ، ويُبَيّن فيه للناس حكمَتَك، ، ويُصَدّق رُؤياك ، ، ويُنصفك ممن ظلمك ، ويجمع إليك أحبتك ، ويهب لك ملك مصر ، يُمَلّكك ملوكَها ، ويُعبّد لك جبابرتها ، ويُذِلّ لك أعزّتها ، ويُصغـّر لك عظماءها ، ويُخدِمُك سوقَتَها ، ويُخوّلك خوَلها ، ويرحم بك ساكنيها ، ويُلقي لك المودّة والهيبة في قلوبهم ، ، ويجعل لك اليد العليا عليهم ، والأثر الصالح فيهم ، ويُري الملكَ حلماً يفزع منه ، ويأخذه كربٌ شديد ، حتى يُسهره ويُذهب نومَه ، ويُعمّي عليه تفسيره وعلى السحرة والكَهَنة ، ويعلّمك تأويله .
- كلام منمّق يدل على أن راويه متمكن في اللغة العربية تمكناً رائعاً فجمع هذه الجمل القصيرة المترادفة ، فجلّى لنا بعض ما أراده الراوي وأحسن السبك والتصوير . لكنْ خانه البيان في بعض الجمل والتعابير في أمور نذكر بعضها :
1- لم يكن للصديق يوسف عليه السلام أن ينكر صدّيقيته ولو كان في السجن ، فهو يعلم أنه بريء مما رمي به ، وأن المكان يطهر بالطاهرين – فعلاً- ولا يضيره أن يكون في السجن ما دام في رعاية الله وحفظه . كما أنه عليه السلام نبيٌّ ابنُ نبيٍّ ابنِ نبيٍّ ابنِ أبي الأنبياء .
2- أخطأ الراوي حين جعل مَنِ اشتراه سيده ، والقرآن الكريم يتجاوز ذلك حين يقول معرضاً وملمّحاً " وألفيا سيّدَها لدى الباب " فجعله سيدها لا سيّده فلا ينبغي أن يكون الكافر سيّداً لنبي . وكذلك لم يجعل القرآن المرأة سيدته حين قال " وراودَتـْه التي هو في بيتها عن نفسه " أما قوله تعالى حكاية عن يوسف " معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي " فالرب هنا الله تعالى على أصح الوجوه ، فهو سبحانه الذي رعاه وحفظه وأكرم مثواه .
3- ولا يليق التعبير " ، يُمَلّكك ملوكَها ، ويُعبّد لك جبابرتها ، ويُذِلّ لك أعزّتها ، ويُصغـّر لك عظماءها ، ويُخدِمُك سوقَتَها ، ويُخوّلك خوَلها " بمكانة نبي داعية ينشر الحق والعدل بين الناس أن يتسلط على رقاب العباد فيتعبدهم ويستذلهم ويستخدمهم ، ويجعلهم خولاً ... وقد ذاق مرارة الظلم والقهر ..

والنص – حقيقة – جيد السبك مرصوف العبارة ، قويّ الحبكة .
وكان يوسف عليه السلام رحيماً بالناس ذا أثر صالح فيهم ، له اليد العليا عليهم ، فسبحان الله تعالى الذي ابتلاه فرفع درجته في الأنبياء والصدّيقين ، فكان نموذجاً رائعاً ، وأسوة صالحة . ورفع ذكره بين خلقه إلى يوم القيامة .

رمضانيات (Cool
قرّاء آخر زمان !

- عام ألف وتسع مئة وستة وتسعين من القرن الماضي شارك في مسابقة حفظ القرآن الكريم في دبي – في دولة الإمارات العربية المتحدة - شارك فيها أحد حفاظ القرآن من الباكستان . فلما جاء دوره طلب إليه المقرر أن يقرأ من سورة طه .
وهنا بدأت الطامة الكبرى إذا قرأ هذه الآية " طه ، ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى " هكذا بعد أن انقطع نفَسُه : " طه ، ما أنزلنا عليك القرآن " .
" أنزلنا عليك القرآن لتشقى "
ومن المعتاد أن يعيد القارئ كلمة مما قرأ ، أوجملة حتى يصل ما انقطع . إنه فعل هذا ، ولكنه لجهله قلب المعنى وقطعه قطعاً حادّاً ، وغيّره تغييراً كبيراً ، فكأن الله تعالى لم ينزل القرآن على نبيّه الكريم ، ثم لمـّا أنزله قصد أن يشقي نبيّه بذلك !! . فأسكته الشيخ ، ثم أنهى المقابلة ، وصرفه . ولم يدر القارئ سبب إنهاء مسابقته لأنه لا يفهم العربية ، لقد حفظ القرآن دون أن يفهم معانيه ، وردد آياته ترديد الببغاء . ووقف وقفة خاطئة .
- وفي دبي – كذلك – عام سبعة وتسعين وتسع مئة وألف دخلت سوق بيع الجملة للخضار والفاكهة ، فأدركتني صلاة المغرب هناك . ، فدخلت المسجد في تلك المحلة ، فقرأ الإمام البنغالي في الركعة الأولى أول سورة " المنافقون " .. كتبتها بالرفع على الحكاية ، هكذا علمنا أساتذتنا ..
- قلت إنه قرأ الآية الأولى " إذا جاءك المنافقون قالوا : نشهد إنك لرسول الله ، والله يعلم إنك لرسوله ، والله يشهد إن المنافقين لكاذبون " فجعل الكلمتين يشهد ونشهد " نشحد ويشحد " بالحاء بدل الهاء ... قلت لا بأس أن نكون نحن معشر العباد " شـحّادين " أما أن يتصف الله جل شأنه بـ " الشحادة " فمصيبة كبرى .
واتصلت بمدير الأوقاف إذ ذاك ، ونبهته إلى وجوب أن يكون الإمام ناطقاً للعربية بشكل صحيح ، وأن هذا البنغالي لا ينبغي أن يكون إماماً ، فلم أجد منه أذناً صاغية .
بل إن مدير الوقاف هذا كان منحرف العقيدة – إن صح التعبير - فقد حضرت له خطبة في إحدى الجمع فقال إن النبي صلى الله عليه وسلم ليس بشراً ، واحتج بقصة مختلقة ما أنزل الله بها من سلطان يقول فيها : إن السيدة عائشة رضي الله عنها حين أرادت أن تُحكم النطاق حول خصره صلى الله عليه وسلم عاد النطاق بين يديها . فلما نزل من المنبر وصلى بنا الفريضة أخبرته أنه اعتمد قصة مختلقة لا أصل لها ، وتناسى أنه صلى الله عليه وسلم شُج في معركة أحد وانكسرت رباعيته ، وسال دمه ، وأنه صلى الله عليه وسلم يأكل ويشرب وينام ويصحو ويموت . وذكرت له الآيات الدالة على بشريّته صلى الله عليه وسلم ، .. وكأنك تحرث في الماء ، وتزرع في الهواء ، وكان بيننا ما كان .
- أما في عام ألفين وأربعة للميلاد فقد كنت ضيفاً في رمضان على المركز الثقافي الإسلامي في مدينة جنوة الإيطالية ، وصليت وراء الإمام نافلة التراويح ، فقرأ في الركعة الأولى من سورة مريم ما قرأ وأنهاها بقوله تعالى : " وإن منكم إلا واردها ، كان على ربك حتماً مقضياً " ثم ركع وركعنا ، قلت في نفسي : سامحه الله ، كيف رضي أن يتركنا في جهنم دقائق عدة ، ثم بعد السجود والقيام إلى الركعة الثانية وقراءة الفاتحة أخرجنا منها حين قرأ " ثم ننجي الذين التّقَوا ، ونذر الظالمين فيها جثيّاً " .. على فرض أننا من المتقين إن شاء الله تعالى !.. هذا دليل على أن الإمام لا يعي ما يقرأ ، ولا يفهم ما يتلو ..
- إن ما ذكّرني بهذه المواقف أنني صليت أمس اليوم الرابع عشر من هذا الشهر الفضيل خلف إمام مسجدنا ، وعهدي به لمّاحاً ذكيّ الفؤاد ، فوقع في المطبّ نفسه حين أنهى الركعة الأولى لصلاة التراويح بقوله تعالى من سورة الصافات على لسان الكفار المستهزئين " أإذا متنا وكنا تراباً وعظاماً أإنـّا لمبعوثون ؟ ! أوَآباؤنا الأوّلون ؟! " ثم ركع وسجد وركعنا وسجدنا معه ، ثم قام إلى الركعة الثانية فقرأ الفاتحة ثم أورد الردّ القاصم الذي كان ينبغي أن يقرأه في الركعة الأولى وهو قوله تعالى " قل : نعم ، وأنتم داخرون أي خاضعون ذليلون . ... وكان المصلون يتابعونه – على ما أظن- غير مدركين ما يقرؤه ، غير أنهم ربطوا أجسادهم بحركاته : قيامه وركوعه وسجوده يؤدون عملية رياضية ليس غير ، تقبل الله منا جميعاً .


رمضانيات (9)
رحمة الله بأمة الحبيب المصطفى

كنت أقرأ اليوم - صباح السادس عشر من رمضان عام 1429 للهجرة سورة البقرة ، فتوقفت عند آخرها في قوله تعالى " لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأرض وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبكُمْ بِهِ اللَّه فَيَغْفِر لِمَنْ يَشَاء وَيُعَذِّب مَنْ يَشَاء وَاَللَّه عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير" وفيها أن الله تعالى لا تَخْفَى عَلَيْهِ الظَّوَاهِر وَلا السَّرَائِر وَالضَّمَائِر وَإِنْ دَقَّتْ وَخَفِيَتْ وأَنَّهُ سَيُحَاسِبُ عِبَاده عَلَى مَا فَعَلُوهُ وَمَا أَخْفُوهُ فِي صُدُورهمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى " قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأرض، وَاَللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " . وَقَالَ " يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى " وأنه سبحانه يحاسب العباد على جليل الأعمال وحقيرها
لما سمع أصحاب رسول الله هذه الآية اشتد الأمر عليهم وخافوا وجثـَوا على الركب أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون هلكنا والله يا رسول الله ، وَقَالُوا : يَا رَسُول اللَّه كُلـّفنا مِن الأعمال مَا نُطِيق : الصلاة وَالصِّيَام وَالْجِهَاد وَالصَّدَقَة وَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيْك هَذِهِ الآية ولا نُطيقها .
فَقَالَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " أَتُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْل الْكِتَابَيْنِ مِنْ قَبْلكُمْ : سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ؟ بَلْ قُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانك رَبّنَا وَإِلَيْك الْمَصِير " . فَلَمَّا أَقَرَّ بِهَا الْقَوْم وَذلَّتْ بِهَا أَلسِنَتهمْ أَنْزَلَ اللَّه فِي أَثَرهَا " آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانك رَبّنَا وَإِلَيْك الْمَصِير " .
فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ نَسَخَهَا اللَّه تعالى ، فَأَنْزَلَ : " لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلا وُسْعهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اِكْتَسَبَتْ رَبّنَا لا تُؤَاخِذنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا " قَالَ نَعَمْ " رَبّنَا وَلا تَحْمِل عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْته عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلنَا " قَالَ نَعَمْ " رَبّنَا ولا تُحَمِّلنَا مَا لا طَاقَة لَنَا بِهِ " قَالَ نَعَمْ " وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مولانا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْم الْكَافِرِينَ" قَالَ نَعَمْ . من حَدِيث اِبْن عَبَّاس
فَتَجَوَّزَ لَهُمْ عَنْ حَدِيث النفس وَأُخِذُوا بالأعمال والأقوال فقط .
يقول القرطبي في تفسيره : قَالَ جِبْرِيل للنبي صلى الله عليه وسلم : إِنَّ اللَّه قَدْ أَحْسَنَ الثَّنَاء عَلَيْك وَعَلَى أُمَّتك ، فَسَلْ تُعْطَهُ . فَسَأَلَ النبي صلى الله عليه وسلم التخفيف ، فنزلت الآية الأخيرة " لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ، ثم روى اِبْن عَبَّاس قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " إِنَّ اللَّه وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأ وَالنِّسْيَان وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ " .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " إِنَّ اللَّه تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسهَا مَا لَمْ تَكَلَّم أَوْ تَعْمَل " .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حديث أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " قَالَ اللَّه : إِذَا هَمَّ عَبْدِي بِسَيِّئَةٍ فلا تَكْتُبُوهَا عَلَيْهِ فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا سَيِّئَة وَإِذَا هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلهَا فَاكْتُبُوهَا حَسَنَة فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا عَشْرًا "
وَفِي حَدِيث سُهَيْل عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : جَاءَ نَاس مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلُوهُ فَقَالُوا إِنَّا نَجِد فِي أَنْفُسنَا مَا يَتَعَاظَم أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّم بِهِ قَالَ " وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ ؟ " قَالُوا نَعَمْ قَالَ " ذَاكَ صَرِيح الإيمان " .
وقد قال العلماء : إِنَّ الْمُذْنِب مُحْتَاج إِلَى ثلاثة أَشْيَاء :
1- أَنْ يَعْفُو اللَّه عَنْهُ فِيمَا بَيْنه وَبَيْنه ،
2- وَأَنْ يَسْتُرهُ عَنْ عِبَاده فلا يَفضَحهُ بِهِ بَينهم ،
3- وَأَنْ يَعْصِمهُ فلا يُوقِعهُ فِي نَظِيره .

وهذا من فضل الله تعالى على أمة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم . إذ رفع الله سبحانه عنا الفضيحة والعنت مما كانت الأمم قبلنا تعيشه .
فقد كان يُكتب على أبواب الأقوام قبلنا ما كانوا يفعلونه في اليوم السابق ، فيستيقظون ، فيجدون ذلك أمام أعينهم ، يقرؤه الجميع ، فلا سرّ ولا ستر أكان ما فعلوه خيراً أم شراً . مثال ذلك قصة الرجل الذي تصدق على زانية وعلى لص ثم على تاجر .
وكان من طهارة الثوب إذا أصابته نجاسة أن يُقرض مكان النجاسة بالمقاريض .
والإصر كما قال العلماء : الشدة والتكليف الشاق الذي قد لا يتحمله المكلّفُ به إلا بعنت وجهد كبيرين .
من الأمثلة التي نجد فيها شدة الأخذ بخواطر النفس في الأمم قبلنا مارواه صهيب بن سنان رضي الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرك شفتيه بشيء لا نفهمه , فقلنا : يا رسول الله إنك تحرك شفتيك بشيء لا نفهمه ! قال : " إن نبياً من الأنبياء أعجبه كثرة قومه , فقال : من يفي لهؤلاء ؟ أو من يقوم لهؤلاء ؟ قال : فقيل له : خيّر أصحابك بين
1- أن نسلط عليهم عدواً فيستبيح بيضتهم ،
2- أو الجوع ،
3- أو الموت , فخيّرهم فاختاروا الموت , قال : فمات منهم في ثلاثة أيام سبعون ألفاً " . قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وأنا أقول : اللهم بك أقاتل , وبك أحاول , وبك أصاول , ولا قوة إلا بك " . وفي رواية : فأُوحي إليه أن اختر لقومك إحدى ثلاث إما أن نسلط عليهم عدوا من غيرهم أو الجوع أو الموت فاستشار قومه في ذلك فقالوا أنت نبي الله فكل ذلك إليك خر لنا فقام إلى الصلاة وكانوا إذا فزعوا فزعوا إلى الصلاة فصلى ما شاء الله قال ثم قال أي رب أما عدو من غيرهم فلا أو الجوع فلا ولكن الموت فسلط عليهم الموت فمات منهم سبعون ألفا. فهَمْسي الذي ترون أني أقول اللهم بك أقاتل وبك أصاول ولا حول ولا قوة إلا بالله .
وتصورأن عقوبة هذه الخواطر التي لم يطّلع عليها إلا الله تعالى الذي يعلم السر وأخفى كانت إحدى ثلاث أمور من أشد ما يُعاقب به الإنسان .
وفي معركة حنين بعد فتح مكة قال المسلمون حين نظروا إلى أعدادهم الكثيرة - وكانوا أكثر من اثني عشر ألفاً – لن نُغلب اليوم عن قلة ، وكانت المعركة درساً عظيماً حين غفل المسلمون لحظاتٍ عن مصدر النصر فأخطأوا فيما قالوه ، فانهزموا أول الأمر إلا أن الله تعالى لم يعاقبهم العقاب الشديد إنما نببهم إلى أن النصر بيده سبحانه ، فلم تمض فترة قصيرة وهم مدبرون مشتتون حتى نادى القائد المعلم صلى الله عليه وسلم :
أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب
وأمر عمه العباس أن ينادي بصوته الجهوَري يدعو المسلمين أن يفيئوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ،،،، وكان النصر للمسلمين من عند الله تعالى
ولم يكن عقاب إنما كان التنبيه الذي يعيد الإيمان بالله والتوكل عليه ، ولم يكن إصرٌ إنما كانت هزة قويّة أعادت الأمور إلى نصابها برحمة الله وفضله :
" لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم ولّيتم مدبرين ، ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين ، وأنزل جنوداً لم تروها ، وعذب الذين كفروا ، وذلك جزاء الكافرين "
فالحمد له – سبحانه – أنه لم يكلفنا إلا ما نُطيق ، ولم يحملنا حساب الخواطر والأفكار وحديث النفس ، فوالله إنها لمن الطامّات لو كانت ، إنها لا تبقي ولا تذر .
يا ربنا لك الحمد ولك الشكر آناء الليل وأطراف النهار ، في كل لمحة وثانية في حياتنا إلى أن نلقاك وأنت راضِ عنا .

رمضانيات (10)
أخبار البكـّائين

عيون الأخبار لابن قتيبة الدينوريّ رحمه الله كنز من كنوز الادب والعلم ، كثيراً ما ألجأ إلى رياضه أتجول بين بستان وحديقة ، وقطيفة وأيكة . فما يزال يُمدّني بالحكم والمواعظ والشعر والأدب والفكرة والخاطرة .
قرأت اليوم من إحدى روضات زهدياته ، فأحببت أن أنقل لكم بعض حِكمها وعظاتها :
- كان زيد الرقاشي يخاطب نفسه قائلاً : ويحك يايزيد ؛ من يصوم عنك ؟ من يصلّي عنك ؟ ومنذا يترضّى لك ربك من بعدك؟ ثم يقول : يا معشرَ مَنِ الموتُ موعدُه ، والقبر بيتُه ؛ ألا تبكون؟ ! .. فيبكي حتى تسقط أشفار عينيه .
- وكان سيّار بن جعفر يقول : أخوك مَن وعظك برؤيته قبل أن يعظك بكلامه .
- وتكلم الحسن البصري يوماً حتى أبكى مَن حوله ، فقال: عجيجٌ كعجيج النساء ، ولا عزم ، وخدعة كخدعة إخوة يوسف جاءوا أباهم عشاء وهم يبكون ؟ . ( والعجيج : الصياح ورفع الصوت ) .
- فقد مالك بن دينار مصحفه في مجلسه ، فنظر إليهم كلّهم يبكون ، فقال : كلّكم يبكي ! فمن سرق المصحف ؟! ... قرأت ماقاله ، فابتسمت ابتسامة الموافق تعجّبـَه ، فقد صلينا التراويح في مسجد حينا أمس الأول فلما أردت الخروج لم أجد حذائي ، وهذه ثالث مرة أو رابعها أفقده . وعدت إلى البيت حافياً .. واشتريت حذاءً يزهد الناس فيه .
- قال ابن الحواريّ : رأيت أبا سليمان الداراني يبكي ، فقلت له : ما يبكيك ؟ قال : إنما أبكي لذلك الغمّ الذي ليس فيه فرح ، وذلك الأمد الذي ليس له انقطاع .
- قال بعضهم : أتيت الشام ، فمررت بدير حَرمَلة ، وبه راهب كأن عينيه عِدلا مزاد ؛ فقلت : ما يُبكيك ؟ قال : يا مسلم ؛ أبكي على ما فرّطْتُ فيه من عمري ، وعلى يوم مضى من أجَلي لم يَحْسُن به عملي . قال : ثم مررت بعد ذلك ، فسألتُ عنه ، فقالوا : أسلمَ ، وغزا ، فقـُتـِل في بلاد الروم .
- قال ابن الحواريّ : دخلت على أبي سليمان الدارانيّ وهو يبكي ، فقلت : ما يُبكيك ؟ قال : يا أحمد ؛ إنه إذا جنّ الليل ، وهدأت العيون ، وأنِس كل خليل بخليله فرَش أهل المحبّة أقدامَهم ، وجرَتْ دموعُهم على خدودهم ، وأشرف عليهم الجليل فقال : بعيني مَنْ تلذّذ بكلامي واستراح إليّ ، فما هذا البكاء الذي أراه منكم؟ هل أخبركم أحد أن حبيباً يعذّب أحبّاءَه ؟! أم كيف أبّيِّتُ قوماً وعند البيات أجدهم وقوفاً يتملّقونني ! فبي حلفتُ أن أكشف لهم يوم القيامة عن وجهي ينظرون إليّ .
- قالت الخنساء : كنت أبكي لصخر من القتل ، فأنا أبكي له اليوم من النار.
- قال عمر بن ذدٍّ لأبيه : يا أبَتِ ؛ ما لك إذا تكلّمتَ أبكيت الناس ، وإذا تكلّم غيرُك لم يُبكِهم ؟ فقال : يا بنيّ ؛ ليست النائحة الثكلى مثل النائحة المستأجرة .
- قال الفضيل لأحد تلامذته وقد أخذ بيده : يا ولدي ؛ كذب مَن الدّعى محبتي وإذا جنّ ليلُه نام عنّي ، أليس كل حبيب يحبّ خَلوةَ حبيبه ؟! ها أنَذا مطّلع على أحبائي ، إذا جنّ الليل جعلتُ أبصارهم في قلوبهم ، مثّلت نفسي بين أعينهم ، فخاطبوني على المشاهدة ، وكلّموني على الحضور .
- وفي بعض ما أوحى الله إلى نبيّ من أنبيائه : هبْ لي مِن قلبك الخشوعَ ، ومن بدنك الخضوعَ ، ومن عينك الدموعَ ، وادْعُني ، فإنّي قريب .
- وكان عمر رضي الله عنه يقول : استغزِروا العيونَ بالتذكّر .
- ومسك الختام قول النبي صلى الله عليه وسلم : " عينان لا تمسهما النار : عين بكت من خشية الله ، وعين باتت تحرس في سبيل الله " .

رمضانيات (11)
صلاة التروايح أم صلاة التساريع؟

لن أدخل في فقه الصلاة – كما يريده الفقهاء أنفسهم – فلست بالذي يبغي أن يؤصل قاعدة فقهية يناقش فيها ، إنما نراوح بين اللغة والعادة التي تعارف عليها الناس في أدائهم صلاة التراويح في كل رمضان .
اعتاد جمهور المسلمين – وأركز على كلمة ( اعتاد) – بعد فرض العشاء في رمضان مباشرة أن يصلوا ثماني ركعات على الأعم وعشرين ركعة على الأقل وكأنها صارت فرضاً عليهم ، لا يخرجون من المسجد إلا إذا صلّوها –
وتعمدت أن أقول " صلّوها " ولم أقل " يقيمون صلاتها " لأن الفرق بين المعنيين كبير . فلن تجد في القرآن حين يأمرنا الله تعالى بالصلاة – على الأعم الأغلب - سوى " وأقم الصلاة .." و " يقيمون الصلاة " وقد ذكرت الإقامة بالفعل الماضي والمضارع والأمر والمصدر خمساً وأربعين مرة ، إلا إذا أراد الدعاء ، فقال " وصلّ عليهم " ثم ذكر الفعل صلّى مرة واحدة بصيغة الأمر في قوله تعالى " فصلّ لربك وانحر " .
وتراهم في أحايين كثيرة يوصون الإمام أن يسرع في صلاته قراءة وأداء ، فيختصر صاحبنا القراءة . ولا حاجة لقراءة " وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض ... " أو " سبحانك اللهم وتبارك اسمك وتعالى جدك ...." بعد تكبيرة الإحرام بل يبدأ بالفاتحة مباشرة ، ويُعدّ ماهراً إذا أنهى الفاتحة بنـَفس واحد أو نفسين ، ثم قرأ من قصار السور آيتين أو آية واحدة إن كانت طويلة بالسرعة نفسها التي قرأ فيها الفاتحة ، ثم يركع فلا يستوي راكعاً ويسجد فلا يستوي ساجداً . ولا ترى كبار السن والبادنين يستطيعون متابعته ، فهو يسير بسرعة مئة وثمانين كيلاً في الساعة !.
وأغلبهم لا يريد أن يسمع كلمة بعد الركعة الرابعة ، فقد تفوته حلقة من مسلسل تلفزيونيّ شائق يتابعه ،أو سهرة ممتعة حان وقتها . وإن لم يكن بد من الكلمة ، فلتكن قصيرة وسريعة قِصَر الركعات وسرعتها .
صليت مرة في مدينتي حلب ، وفي حي الكلاّسة ، وبالتحديد في جامع عبد الناصر ، فانتهت صلاة العشاء وركعتا السنة بعدها ، وعشرون ركعة للتراويح ، ثم ركعتا الشفع ومن بعدها ركعة الوتر كل هذه الركعات في نصف ساعة فقط . إنها كما ترون تسع وعشرون ركعة قضاها في ثلاثين دقيقة ! ، وافتخر الإمام أنه كان نشيطاً وسريعاً ، ومَن أعجبته الصلاة معه فليصل معه الأيام القادمة ، ومن لم يعجبه فالمساجد في المنطقة كثيرة !!
كنت إذ ذاك في الثلاثين من عمري حين انطلقت لزيارة أهلي ومعي زوجتي ، فأُذّن للعشاء ، وكنا في منتصف الطريق إليهم فدخلنا هذا المسجد وأدينا رياضة نصف ساعة ! وسمعت هذا الكلام ، فحمدت الله أن بيتي ليس في هذا الحي وإلا اضطررت أن أمشي كل يوم مسافة أكبر لأصلي في مسجد آخر .
وسألت نفسي :
1- هل من السنّة أن نصلي التراويح بعد صلاة العشاء مباشرة ؟ والجواب قطعاً : لا ؛ إنما نصليها في الوقت بين العشاء والفجر .
2- هل الصلاة أمر ثقيل فرض علينا يجب أن نؤديه بتلك السرعة أو شبيهها دون أن نتفكر أو نتدبّر فيما يقرأ الإمام ؟ ودون أن نعي هذه الرسائل الإلهية فنعرضها على أنفسنا لنرى أنحن ممن يؤديها أم نسيها ومرّ عليها ، فلم يلقِ لها بالاً ؟
3- وما الفرق بين السرعة والاعتدال في الحركات والطمأنينة في الركوع والسجود ؟ إننا لو زدنا في كل ركعة نصف دقيقة لما زاد الأمر عن أربع دقائق في الركعات الثمانية أو عشر دقائق في الركعات العشرين . أليست هذه الدقائق التي نضمها للصلاة تزرع السكينة والطمأنينة في أدائنا للصلاة ، وترضي ربنا تعالى ؟ وما الأمر الخطير الذي نضيعه في حياتنا إذا كانت صلاتنا هادئة ؟. ولن أقارن أنفسنا برجال الله السابقين ، فهؤلاء قوم عمالقة ، لن نصل إلى كعوب أقدامهم .
4- والتراويح من المراوحة ، ويقول العلماء : سمي قيام رمضان " تراويح" لأن فيها مراوحة بين الصلاة والذِكر والعِبَر والعظات ، فبين كل ركعتين أو أربعٍ كلمة ٌ، ثم ذكرٌ لله تعالى وصلاةٌ على نبيه الكريم ، وبعضهم قال – كابن مسعود رضي الله عنه - بل هناك تراويح بين رجل وأخرى في الصلاة لترتاح كل رجل من طول الوقوف قليلاً حين تعتمد على أختها دقائق لطول القيام . وهذه الصلاة التي يحدثنا عنها ابن مسعود لا علاقة لنا بها ، فأولئك – كما قلت – عمالقة شتان ما بيننا وبينهم . ورحم الله سيدنا ابن مسعود فهو يتحدث عن رجال القرون الثلاثة الأولى ولا يقصد رجال القرن الخامس عشر الهجري أو القرن الواحد والعشرين الميلادي !. .
فهل نصل نحن صلاة التراويح أو صلاة التساريع ؟!

رمضانيات (12)
شرور الثقلين

قرأ الإمام في صلاة فجر هذا اليوم الرمضاني 20- رمضان 1429من سورة فاطر ، ولما قرأ آخر آية في هذه السورة " وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَٰكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا (45) " كررت في نفسي " ما ترك على ظهرها من دابّة " ثم قلت : أأراد سبحانه وتعالى بكلمة دابـّة مَن يعقل فقط ( الأنس وا

















elslayma ; توقيع العضو




 

رمضانيات

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة


الكلمات الدليلية (Tags)
لا يوجد


الــرد الســـريـع
..

هام جداً: قوانين المساهمة في المواضيع. انقر هنا للمعاينة
الرد السريع


مواقع النشر (المفضلة)


خــدمات المـوضـوع
 KonuEtiketleri كلمات دليليه
رمضانيات , رمضانيات , رمضانيات , رمضانيات , رمضانيات , رمضانيات
 KonuLinki رابط الموضوع
 Konu BBCode BBCode
 KonuHTML Kodu HTMLcode
إذا وجدت وصلات لاتعمل في الموضوع او أن الموضوع [ رمضانيات ] مخالف ,, من فضلك راسل الإدارة من هنا
>




مواضيع ذات صلة



فساتين 2013 - فساتين دانتيل - تسريحات 2013 - رسائل تعارف - موضة 2013 - فساتين سهرة - تحميل الواتس اب - رسائل حب - صورة اجمل امراة - صور بنات منتديات
منتديات اية
منتديات اية النسائي
منتديات ايه النسائى
منتديات ايه
مركز تحميل صور
صور بنات
صوربنات
مركز رفع الملفات
فساتين 2013
ديكورات 2013
تسريحات 2013
مكياج 2013
فساتين العروس 2013
ازياء رجالي 2013
رمزيات بلاك بيري
رسائل حب 2013
برودكاست
نكت 2013
توبيكات 2013
برامج بلاك بيري
صور مشاهير 2013
غلاف للفيس بوك
صور حب 2013
سيارات 2013
شعر 2013
ازياء اطفال
اكسسوارات
تردد القنوات
فساتين دانتيل
صور فاطمة وكريم
صور زهور
مكياج بنات
صور رومانسية
صور قلوب
صور بنات
صور حزينة
صورةاجمل امراة
صورالجماع
صور غلاف للفيس بوك
نكت 2013
توبيكات واتس اب
تسريحات شعر
صور عشاق
صور كيا ريو
خلفيات بلاك بيري
تسريحات فخمه
تسريحات 2013
ملابس للمحجبات
لفات حجاب
رمزيات نسائية
تحميل الواتس اب
صورة اجمل امراة
تسريحات ليله العمر
اغلفة حب للفيسبوك
صور احضان قوية
صور احضان وبوس
صور دومينيك حوراني
صور امال ماهر
رمزيات نسائية
دعاء صلاة الاستخارة
صور جماع
صور الجماع
صور حب
صور حب 2014
صور حب متحركة
صور بنات مغريه
اجمل بنات
صور رومانسيه
لحظات رومانسيه
صور عرسان رومانسيه
فساتين سهره طويله
فساتين زفاف
تسريحات لشعر
تنورات قصيره
تسريحات لشعر القصير
ساعات حائط
اغلفه للفيس رومانسيه
فساتين مغريه
صور قبلات عرسان
نمبر بوك
تحميل برنامج نمبر بوك
بنات الفيس بوك
صور بنات الفيس بوك
برنامج سكاى بى
تحميل برنامج سكاى بى
برنامج سكاي بي للجوال
صورعارية
صور عارية
صور جنس
صورجنس
صور بنات العراق
صور عراقيات
صورةاجمل امراة سعودية
صور بنات السعودية
صور بنات سعوديات
صورةاجمل امراة مصرية
صور بنات مصر
صور بنات مصريات
تردد قناة الجزيرة الرياضية
تردد الجزيرة الرياضية
الجزيرة الرياضية
تردد قناة روتانا سينما
تردد قناه روتانا سينما
قناة روتانا سينما
تردد قناة زي افلام
تردد زى افلام
قناة زي افلام
سورة الناس
تفسير سورة الناس
سورة الناس مكتوبة بالتشكيل
سورة الفلق
تفسير سورة الفلق
سورة الفلق مكتوبة بالتشكيل
سورة الاخلاص
تفسير سورة الاخلاص
سورة الاخلاص مكتوب بالتشكيل
سورة القدر
تفسير سورة القدر
سورة القدر مكتوبة بالتشكيل
سورة الفجر
تفسير سورة الفجر
سورة الفجر مكتوبة بالتشكيل
سورة المطففين
تفسير سورة المطففين
سورة المطففين مكتوبة بالتشكيل
سورة النبأ
تفسير سورة النبأ
سورة النبأ مكتوبة بالتشكيل
فساتين سوارية
فساتين سهرة
فساتين سهره للحوامل
فساتين الممثلات
فساتين مناسبات
اكسسوارات بنات
فساتين سهرة تركية
فساتين سهرة للمراهقات
فساتين للحوامل مودرن
فساتين سهرة حديثة
فساتين تجنن
فساتين طويله لصيف
فساتين سهره طويله
سارى هندى
كولكشن ازياء
مايوهات لبنات
فساتين حديثه